نحن هم وهم نحن

أوراز ألب باركان

في السنة التاسعة للهجرة وقبل غزوة تبوك التي كانت آخر غزوة قد شارك فيها النبي صلى الله عليه، إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخفى جميع الحملات السابقة التي قام بها حذراَ كان قد دعا الصحابة الكرام لتقديم العون والدعم قبل البدء بغزوة تبوك، وذلك لأن هذه الحملة كانت أصعب بكثير من غيرها من حيث الزمان والمكان، وكان الطريق طويلاً وشاقاً للغاية، والعدو اليوناني كان قوياً جداً مقارنة بالجيش الإسلامي، كان الوقت أشد أيام الصيف حرارةً.

كان هناك جفاف ومجاعة، وقدم الجميع مساعداتهم قدر المستطاع، منهم سيدنا عمر وسيدنا عثمان (رضي الله عنهما) وعبد الرحمن بن عوف وآخرون كثيرون... ولكن كان هناك شخص من بين المتبرعين قدم كل ثروته والتي تبلغ ٤٠ ألف درهم إلى حضرة النبي، لقد كان سيدنا أبو بكر (رضي الله عنه). عندما قال  أشرف المخلوقات(ص) له : " ألم تترك لأهلك شيئاً يا أبا بكر؟"، وأجابه أبو بكر: " تركتُ الله ورسوله" سالت الدموع من عيني النبي صلى الله عليه وسلم وبدأ بالدعاء له ولأصحابه الكرام.

كانت هذه التضحية من أعظم شعائر الأخوة والوحدة التضامن والعون في التاريخ، وقد أظهر هذا التضامن العظيم الذي منحه الإسلام أن أسس ومبادئ الأخوة التي ستسمر حتى يوم القيامة قد تم تأسيسها منذ ذلك العهد .

في زلزال كهرمان مرعش المدمر الذي حدث في السادس من شباط / فبراير وتسبب في مقتل أكثر من أربعين ألف شخصٍ، كان هناك الملايين من المسلمين ومن شعبنا والذين لم تكن بينهم أي روابط بيولوجية، ولكن كان بينهم رابط الإيمان فقط، عملوا مثل أبي بكر وأنفقوا كل ثرواتهم تاركين الله ورسوله لأهاليهم. حيث كان هذا مثالاً للتضحية لن ينساه الناجون من الزلزال حتى يوم الآخرة. دعونا الآن نلقى نظرة سريعة على الدعم المادي و المعنوي الذي قدمه لنا أخوانُنا المسلمون الذين شاركونا ألمنا وحزننا بقدر ما تم تقييده في السجلات. بارك الله بهم جميعاً.

ساهم شعب قطر بجمع ١٤٨ مليون ريال ( أي ما يعادل ٤٦ مليون دولار) وتبرع أمير قطر بمبلغ ١٤ مليون دولار نقداً، فأصبح المبلغ الإجمالي ٦٠ مليون دولار. بالإضافة إلى أنها لم تبخل في تقديم أي نوع من المساعدات العينية والفعلية مثل الملابس والخيم والطعام والشراب وإرسال فرق البحث والإنقاذ. بينما أرسلت المملكة العربية السعودية خمسة طائرات تحمل فريق بحث وإنقاذ إلى تركيا وقدمت دعماً مادياً قيمته ٢٥٠ مليون ريال ( حوالي ٦٦.٦ مليون دولار). كما ساهم شعب الكويت بتقديم مساعدة مالية قدرها ٢٠ مليون و٧٠٠ ألف دينار كويتي ( أي ما يعادل ٦٧ مليون دولار). وفي سلطنة عُمان تم جمع ما يقارب ال ٤.٥ طن من المساعدات في حملة المساعدات العينية المنظمة بتشجيع من الدولة نفسها.

قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة دعماً مادياً  قدره ٥٠ مليون دولار ( حوالي ٩٤١ مليون ليرة تركية) كمساعدات نقدية لتركيا. بالإضافة إلى أنه تم جلب أطنان من المساعدات الإنسانية إلى تركيا ضمن العملية المشتركة التي انطلقت في نفس اليوم من قبل القوات المسلحة الإماراتية ووزارة الداخلية والتعاون الدولي ووقف الخليفة بن زايد آل نهيان والهلال الأحمر الإماراتي وذلك بتوجيهات من قبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة. أعلنت شركة Exchange الأنصاري للصرافة ومقرها الإمارات العربية المتحدة عن تبرعها بمبلغ مليون دولار ( أي ما يعادل ١٩ مليون ليرة تركية) لمساعدة المتضررين من الكارثة، كما قامت الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الشيخ آل نهيان رئيس دولة الإمارات بالتبرع ب ١٣ مليون و٦٠٠ ألف دولار ( ما يقارب ٢٥٦ مليون ليرة تركية). بينما قامت شركة الطيران الوطنية الإماراتية بإنشاء جسر جوي من دبي إلى اسطنبول من أجل توصيل المساعدات وإمدادات الإغاثة الطارئة للمتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا.

قدمت البحرين ملايين الدولارات كمساعدات عينية بمستوى جدي. أرسلت العراق فريق بحث وإنقاذ، كما تم إرسال ٧٠ معدة بناء من قبل حكومة إقليم كردستان وأرسلت شركة مجموعة كافيين في دهوك ١٠٠ من معدات البناء إلى منطقة الزلزال من أجل القيام بعمليات البحث و الإنقاذ. تم تنظيم حملة دعم وإغاثة لمتضرري الزلزال في تركيا في جميع مساجد مدينة كركوك في العراق، وصرح كوهدار شيخو مسؤول إدارة زاخو التابعة لمدينة دهوك أنه تم جمع ١٢ شاحنة مساعدات من أجل المتضررين من الزلزال في تركيا، وفي الحملة التي نُظمت في إربيل تم إيصال مساعدات مواقد تدفئة مكونة من ١٤ شاحنة إلى تركيا.

بعد زلازل تركيا أرسلت تونس في السابع من شباط / فبراير فريق بحث وإنقاذ ومواد إغاثة طارئة إلى تركيا وسوريا بطائرتين عسكريتين تم تجهيزهما بتوجيهات من الرئيس قيس سعيد. انطلق فريق البحث والإنقاذ المكون من ٤١ شخصاً إلى تركيا ومعه ١٤ طن من مواد الإغاثة الطارئة ومواد غذائية وأدوية وأغذية أطفال وبطانيات وفوط صحية بالطائرات التي اتجهت إلى تركيا.

أرسلت فلسطين فريقاً مكوناً من ٢٧ شخصاً إلى تركيا لدعم أعمال البحث والإنقاذ والاستجابة الطارئة، وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في فلسطين أن المساعدات التي تم جمعها لمتضرري الزلزال في تركيا وسوريا بعد صلاة الجمعة في مساجد الضفة الغربية المحتلة وصلت ما يقارب المليون دولار.

أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبون بتقديم مساعدة مادية قدرها ٣٠ مليون دولار إلى تركيا التي تضررت من الزلازل المُدمِّرة. وفي الأردن وصلت طائرات مساعدات إنسانية من الأردن إلى تركيا بعد الزلزال، كما تم إنشاء مستشفى ميداني عسكري مجهز بالكامل في كهرمان مرعش. أمر رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي بإرسال فريق بحث وإنقاذ مكون من ٨٣ شخصاً إلى تركيا في السادس من شباط/ فبراير وذلك بعد الزلازل التي ضربت كهرمان مرعش.

وفي مصر قال صالح موتلو شين  السفير الدبلوماسي لتركيا في القاهرة أنه تم إرسال ٧٠ طناً من المواد والمساعدات الإنسانية لدعم المناطق المتضررة من الزلازل التي ضربت كهرمان مرعش من قبل بعض الشركات التركية في مصر. بالإضافة إلى مواد المساعدة والإغاثة تم إرسال ١٠ أطنان من المنتجات الغذائية المعلبة قدمتها شركة أغذية لها شراكة مع تركيا تأسست في مدينة الإسكندرية في مصر. وبعد الزلازل التي ضربت تركيا  قامت السودان بإرسال فريق بحث وإنقاذ مكون من ٤٠ شخصاً، وأرسلت الوزارة الداخلية في السودان فريقاً مكوناً من ٤٠ شخصاً ٧ منهم من موظفين في الكادر الطبي من قوات الدفاع المدني تحت إشراف جهاز الأمن.