البحث عن التاريخ الضائع
محمد ديلباظ

العساكر الموجودون هنا في هذه الصورة اصطفوا أمام القلعة في عام 1917 لكي يلفتوا الانتباه إلى الوحدة الوطنية لتحوز على الاهتمام ورسموا من خلال اصطفافهم كلمة " وطن".

لم تبق الإمبراطورية العثمانية مكتوفة الأيدي أمام النهضة التكنولوجية التي كانت تلاحظ في العالم بل ضربت في ذلك بسهم، ففي عام 1871 ولأوّل مرة أوجدوا الترامواي الذي يتم جره بواسطة الخيول.


أسست الطريقة المولويةّ التي تشكل نموذجاً من التصوف التركي في القرن الثالث عشر بعد وفاة العالم الكبير مولانا جلال الدين الرومي، وقد أسست الطريقة من خلال آراء وأفكار مولانا جلال الدين الرومي، في القرن السادس عشر بلغ توسع الدولة العثمانية أوجها وذروتها التي توسعت من المجر وهنغاريا إلى أثينا ومن القرم إلى مكة، وقد افتتحت في أراضي الدولة العثمانية كثير من مراكز وزوايا هذه الطريقة، وبعد سير السلطان سليم إلى مصر ودخول سوريا في حدود الدولة العثمانية وانضمامها إليها، وفي سوريا في دمشق الشام وفي حمص، وكما يظهر في الصورة هذه إحدى مراكز المولوية  في حلب  التي افتتحت في عام 1530، وعندما صدر قانون إغلاق الزوايا والتكايا نقل مقام مرشد الطريقة المولويّة محمد باقر مولوي إلى حلب، وبهذا أصبحت حلب العاصمة الروحية للطريقة وذلك في زاوية الطريقة المولوية، والذي يظهر في الصورة ما يعرف بجامع المنلاخانة.

بعد انتصار الجيش العثماني بقيادة السلطان ياووز سليم على جيش المماليك الذي مني بالخسارة في معركة مرج دابق تم ضم أراضي سوريا وفلسطين إلى أراضي الدولة العثمانية، وبعد التقسيمات الإدارية والتنظيمات التي أحدثت في القرن السابع عشر صارت حلب واحدة من ثماني صناجق من سوريا حسب تقسيم الدولة العثمانية آنذاك، وبعد تقسيمات جديدة عام 1867 صارت حلب مركزاً لولاية، ومع هذا التقسيم صارت ولاية حلب تضم أضنة، دير الزور، قوزان، مرعش، باياص، أورفة، فهذه الصناجق المذكورة كانت كلها تابعة لولاية حلب، وهكذا صارت حلب من الولايات العثمانية الكبيرة، وصارت تحتل موقعاً استراتيجياً جيداً بالنسبة للدولة، وقوِّيت حلب من الناحية العسكرية، ولعبت حلب التي تحتوي القلعة الحصينة بموقعها دوراً مهماً في الحرب العالمية الأولى على جبهة فلسطين وسوريا، وهنا نرى العساكر الموجودون هنا في هذه الصورة اصطفوا أمام القلعة في عام 1917 لكي يلفتوا الانتباه إلى الوحدة الوطنية لتحوز على الاهتمام ورسموا من خلال اصطفافهم كلمة " وطن".

 

مع التطور الذي شهده العالم في القرن التاسع عشر، وظهور الحاجة الماسة إلى وسائط النقل الجماعي، مما دفع الدول في بدايات القرن التاسع عشر إلى البحث الحلول الممكنة والاختيارات المتاحة، ففي إنكلترا التي ابتدئ فيها أول سكة حديد للترامواي التي تجرها الخيول نجدها قد تركتها لتحل محلها عربات الترامواي التي تسير بالطاقة الكهربائية وخاصة بعد أن تم تصنيع الكهرباء بطريقة ليست باهظة، وكان استخدام الترامواي الكهربائية لأول مرة في العالم في سانت بطرسبورغ في عام 1875.

والدولة العثمانية لم تكن خارج هذه المنظومة ولم تكن بعيدة عن هذه التطورات بل ضربت بسهمها في هذا المجال أيضاً ففي عام 1871 أسست أول سكك حديدية للترامواي التي تجرها عربات الخيول، بعد ذلك في قونيا، سلانيك، إزمير، بغداد، دمشق، ثم بعد أن انتشرت الكهرباء بدأت تحل الترامواي الكهربائية محل الترامواي التي تجرها عربات الخيول، وفي الصورة أعلاه نرى الترامواي الكهربائية التي تأسست في دمشق عام 1907 مع أن استانبول عاصمة الدولة العثمانية لم يتم فيها تأسيس هذه الشبكة حتى عام 1914.

إن خط حديد الحجاز الذي تم  التخطيط له وإنشاؤه لتسهيل المواصلات بين استانبول والحجاز ولكي يمكن الحجاج من الوصول بشكل مريح وآمن إلى البلاد المقدسة، ولكي يتم استخدام هذه الخطوط الحديدة من أجل الأغراض الاقتصادية في المناطق العربية، قد بدأ هذا الخط الحديدي في عام 1900، وفي هذا الصدد تم اختيار نقطة انطلاق أولى لهذا الخط مدينة دمشق فمن محطتها الانطلاق الأول، وقد تم إنجاز هذا الخط الحديدي حط الحجاز في مدة تقرب من ثماني سنوات وكانت نفقاته قد دفع قسماً منها الأهالي من خلال تبرعاتهم ودفعت قسماً منها الدولة، وقد كان إنجاز هذا الخط الحديدي أحد أهمّ أهداف وأحلام السلطان عبد الحميد عليه من الله سابغ الرحمات، وكان رحمه الله يولي هذا المشروع الأهمية الكبرى ويحرص على إنجازه، وكانت نقطة البدء لهذا القطار من مدينة دمشق من ساحة المرجة، ففي الصورة أعلاه نجد برج تذكاري في ساحة المرجة وعليه تذكار السلطنة العثمانية من خلال وضع مجسم لجامع الحميدية في يلديز بشكتاش استانبول على ذلك العمود في وسط الساحة..