الشيخ علي سزائي أفندي روح الثورة وحرب الاستقلال
محمّد زكريا الحمد


كان الشيخ علي سزائي روح الثورة في مرعش حيث بث روح القتال والكفاح ضد المستعمرين وانتفضت مرعش على الفرنسيين لتطردهم منها شر طردة.

كان الشيخ علي سزائي في بعض ساعات النهار يدرس الأطفال مبادئ الخط والكتابة، حتى إن بعض عائلات اليهود كانت ترسل أولادها ليتعلموا عنده

احتل الشيخ علي سزائي مكانة عالية في قلوب الناس حتى إنه يذكره الناس حتى إن اسمه مقرون بالأعياد الوطنية

الشيخ علي سزائي أفندي المولود في مدينة مرعش  سنة 1867من أسرة يعود نسبها إلى سيدنا الحسين رضي الله عنه والذي يتصل بالنسب الشريف من خلال جده الأمير عبد الجبار والذي نشأ يتيماً بعد وفاة والده في عمر الخامسة والذي نشأ في كنف أقربائه فنشّؤوه على العلم والعرفان وأتقن الفرنسية بعد دخوله مدرسة في منطقة أكبز(ميدان اكبس) التابعة لولاية حلب في ذلك الوقت وتلقى التعاليم الدينية والقرآن الكريم على يد الشيوخ ثم صار له مكانة خاصة بعد انتسابه للطرقة الرفاعية وهو في سن السابعة عشرة وفي سن الرابعة والعشرين ينال الإجازة بالمشيخة فيها ثم ينال الإجازة بالطريقة النقشبندية وغيرها من إجازات متعددة علمية وصوفية.

وتلقى علوم الفقه على يد الشيخ قاللي مصطفى حجي في مدينة مرعش وكان يقول:" الشيخ الذي لا يعرف الفقه ويتقن علوم الشريعة لا يمكن أن يكون شيخاً، بل من الواجب عليه أن يكون على درجة بحيث يحل الإشكالات للمسلمين على المذاهب الأربعة".”

وكان يقوم بالتعليم والتدريس في الزوايا والتكايا والمدارس الأهلية بل وساهم في إحياء بعض ما شغر من عامريها مثل زاوية جيفتلي زادة التي بجانب جامع الخاتونية والتي تتبع لوقف علاء الدولة فبعد أن لم يعد يلقى فيها درس بدأ الشيخ يؤذن للصلوات الخمس فيها ويقيم يوماً في الأسبوع حلقة ذكر رفاعية ودروساً شرعية من 1894 إلى عام 1912 حيث صدر أمر سلطاني بتعيين الشيخ فيها بشكل رسمي، وكان في بعض ساعات النهار يعلم الأطفال العلوم الدينية والقراءة والكتابة وحسن الخط، حتى إن بعض الأسر اليهودية كانت ترسل أولادها إلى الشيخ ليتعلموا عنده، ولكن المؤسف أن هذه الزاوية مع المكتبة الضخمة المتنوعة التي كانت تحتويها احترقت أثناء حرب الاستقلال مع بيته الذي كان يقطن فيه، ثم أغلقت بشكل رسمي مع إغلاق الزوايا والتكايا.

وبعد أن كان الشيخ علي سزائي روح الثورة في مرعش حيث بث روح القتال والكفاح ضد المستعمرين وانتفضت مرعش على الفرنسيين لتطردهم منها شر طردة وتكونت في مرعش فرق من المقاومة العسكرية الشعبية ووظف الشيخ علي مرشداً معنوياً عليها ليقوم برفع معنويات المقاتلين عن حمى البلاد، وأثناء ممارسته للتعليم في مناطق مرعش كان يقوي الروح المعنوية لأبناء البلد ويؤكد على ارتباطهم ببلدهم، واستطاع من خلل ذلك أن يحول دون تأثر الأهالي بالدعايات المغرضة التي كان يبثها عملاء الفرنسيين والإنكليز بين الناس، واستمر في ذلك مدة دوامه في تلك الوظيفة إلى أن وافته المنية إلى جانب ما كان يبثه في الناس من روح الوطنية والارتباط بالقيم الدينية والروحية ودعوتهم لعدم الانصياع للدعوات المضادة لهذا الاتجاه، مع محافظته على الحوار البناء والمعايشة السلمية لمن كان في مرعش من النصارى واليهود فكسب قلوبهم ونال محبتهم، وكان له رصيد كبير في قلوب العامة وكان يسند إليه خطاب الناس في الأعياد الوطنية والقومية، بالإضافة إلى زهده في حظوظ نفسه وملازمته للشكر والثناء على الله في كل أحواله حتى وهو على فراش مرضه، وبقي على هذا الحال إلى أن وافته المنية في عام 1937 مخلفاً وراءه زوجة وولدين، ودفن في مقبرة الشيخ عادل في مدينة كهرمان مرعش، رحمه الله تعالى .