قَارِئَةُ الْفِنْجَانِ

جَلَسَتْ وَالْخَوْفُ بِعَيْنَيْهَا
تَتَأَمَّلُ فِنْجَانِي الْمَقْلُوبَ
قَالَتْ :
يَا وَلَدِي ، لَا تَحْزَنْ !
فَالْحُبُّ عَلَيْكَ هُوَ الْمَكْتُوبُ!
يَا وَلَدِي ، قَدْ مَاتَ شَهِيدًا,
مَنْ مَاتَ عَلَى دِينِ الْمَحْبُوبِ!

 

فِنْجَانُكَ دُنْيَا مُرْعِبَةٌ

وَحَيَاتُكَ أَسْفَارٌ وَحُرُوبٌ ...

سَتُحِبُّ كَثِيرًا يَا وَلَدِي ،

وَتَمُوتُ كَثِيرًا يَا وَلَدِي !

وَسَتَعْشَقُ كُلَّ نِسَاءِ الْأَرْضِ .

وَتَرْجِعُ كَالْمَلِكِ الْمَغْلُوبِ .
 

بِحَيَاتِكَ يَا وَلَدِي امْرَأَةٌ

عَيْنَاهَا ، سُبْحَانَ الْمَعْبُودِ

فَمُهَا مَرْسُومٌ كَالْعُنْقُودِ

ضِحْكَتُهَا مُوسِيقَى وَ وُرُودٌ

 

لَكِنَّ سَمَاءَكَ مُمْطِرَةٌ .

وَطَرِيقُكَ مَسْدُودٌ ، مَسْدُودٌ

فَحَبِيبَةُ قَلْبِكَ ، يَا وَلَدِي

نَائِمَةٌ فِي قَصْرٍ مَرْصُودٍ !

وَالْقَصْرُ كَبِيرٌ يَا وَلَدِي !

وَكِلَابٌ تَحْرُسُهُ وَجُنُودٌ

وَأَمِيرَةُ قَلْبِكَ نَائِمَةٌ .

مَنْ يَدْخُلُ حُجْرَتَهَا مَفْقُودٌ .

مَنْ يَطْلُبُ يَدَهَا ...

مَنْ يَدْنُو مِنْ سُورِ حَدِيقَتِهَا ، مَفْقُودٌ .

مَنْ حَاوَلَ فَكَّ ضَفَائِرِهَا ،

يَا وَلَدِي !

مَفْقُودٌ ... مَفْقُودٌ...

 

بَصَّرْتُ وَنَجَّمْتُ كَثِيرًا

لَكِنِّي لَمْ أَقْرَأْ أَبَدًا

فِنْجَانًا يُشْبِهُ فِنْجَانَكَ

لَمْ أَعْرِفْ أَبَدًا يَا وَلَدِي !

أَحْزَانًا تُشْبِهُ أَحْزَانَكَ

مَقْدُورُكَ أَنْ تَمْشِي أَبَدًا

فِي الْحُبِّ ، عَلَى حَدِّ الْخَنْجَرِ

وَتَظَلَّ وَحِيدًا كَالْأَصْدَافِ

وَتَظَلَّ حَزِينًا كَالصَّفْصَافِ

مَقْدُورُكَ أَنْ تَمْضِي أَبَدًا

فِي بَحْرِ الْحُبِّ بِغَيْرِ قُلُوعٍ

وَتُحِبُّ مَلَايِينَ الْمَرَّاتِ .

وَتَرْجِعُ كَالْمَلِكِ الْمَخْلُوعِ .