النكبة اليهودية والضغينة الصهيونية والأسئلة التي ما زالت بلا إجابة
بيرين بير سايغلي موت


 

نعرف قصة الحاخام مايكل فايسمانديل، الذي تم اعتقاله في كمين مُحكم، وثلاث مئة حاخام أُعيروا على الطريق إلى موريشيوس، إضافة إلى آلاف اليهود الذين سُلبت أرواحهم في سلوفاكيا والمجر وغيرهما من الأماكن.
 

لقد أظلمت الحقائق أمامنا لدرجة أنها لم تقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل شملت آلاف اليهود من النساء والرجال والأطفال أيضًا. بعد مجزرة غزة في 2008، أجريتُ مقابلة مع جماعة "يهود التوراة الحقيقيون ضد الصهيونية" المناهضة للصهيونية والتي تتخذ من بروكلين مقرًا لها. تمت المقابلة إلكترونيًا، وقد أجاب الحاخام كوهين بشكل صادق ومُلتزم.
 

خلال الحوار، أُسدِل الستار على نقطة مهمة: بأن فكرة الصهيونية، التي قُدِمت تحت شعار تمثيل يهود العالم، هي في الحقيقة انحراف كبير عن العقيدة اليهودية الأصيلة. أشار الحاخام كوهين إلى أن المعتقدات اليهودية كانت تحظر على اليهود خوض أي حرب أو اضطهاد الأمم بهذا الشكل، خصوصًا كما تم في فلسطين على مدى عقود.
 

كان من واجبهم البقاء في الانتظار دون الانغمار في أي نشاطات سياسية أو عسكرية. لكن بفضل التحركات الصهيونية، أُهملت هذه المعتقدات بشكل كبير بين الجماعات اليهودية.
 

 كما أفصح الحاخام كوهين عن قصة الحاخام مايكل فايسمانديل، شاهدًا رئيسيًا من فترة الحرب العالمية الثانية. كان هذا الاسم جديدًا بالنسبة لي، وأنا كنت مُتشوقًا لمعرفة المزيد. كان مايكل فايسمانديل في تواصل مستمر مع ويسليشيني، الضابط المسؤول عن اليهود في سلوفاكيا في ذلك الوقت. كانت العلاقة تقوم على رشوة مستمرة من الحاخام لحماية يهود سلوفاكيا. ولكن حين نفدت أمواله، أصبح عاجزًا عن منع ترحيل اليهود إلى معسكرات أوشفيتز. في محاولته لإنقاذ المزيد، طلب المساعدة من القيادات الصهيونية لرشوة النازيين. كان يعتقد أن مقابل كميات معينة من الشاي والقهوة، سيتمكن من إنقاذ اليهود. لكن القيادات الصهيونية رفضت، إذ كان ذلك سيعرقل خططهم لإقامة دولة يهودية في فلسطين.
 

رصدت الأحداث عندما ُقع الحاخام مايكل فايسمانديل في كمين وتم اعتقاله على الحدود بين تركيا وسوريا، ثم نقل إلى مصر حيث قُيّد بالأغلال. ولم يتحمل وطأة السجن طويلاً، فتوفي بعد ثلاثة أشهر من الحزن.

 كشف قبل موته أن خزائن الصهيونية كانت تفيض بالرشاوى التي دفعت للنازيين في سبيل إنقاذ المزيد من اليهود. أصبح فايسمانديل ضحية لمؤامرة غامضة لا تزال تجوب في متاهات التاريخ دون إجابات واضحة.

وما الحاخام فايسمانديل إلا جزء صغير من لوحة أكبر، فقد أصبح الكثير من اليهود تحت رحمة الوحش الصهيوني الذي حاول محو آثارهم من تاريخ الإنسانية. أرواح الرجال والنساء والأطفال المجهولين التي ذهبت في سبيل مشروع كان يُروج له بأنه الأمان والملاذ.
 

تكتنز خزائن الحاخام كوهين ببروكلين الأدلة على تلك الجرائم. وفي هذا الزمان تظل أسئلة مطروحة، ترددها الجماعات اليهودية المعارضة للصهيونية، ونحن نتساءل:

: 1- هل خطّط الجستابو الألماني لنقل اليهود إلى إسبانيا ثم إلى الدول البريطانية بتمويل من اليهود الأثرياء، قبل أن يتم إحباط هذا التصور من قبل القوى الصهيونية، مما أودى بحياة آلاف اليهود؟

 2- هل كان البرلمان البريطاني على وشك توقيع اتفاق مع ألمانيا لنقل نصف مليون يهودي إلى المستعمرات البريطانية قبل أن يتم تعطيل هذا الاتفاق بضغط من القوى الصهيونية؟

 3- هل حاولت الحكومة البريطانية منح تأشيرات لحاخامات وعائلاتهم للهجرة إلى موريشيوس عبر تركيا، لكن تم إحباط هذا المشروع مرة أخرى بضغط من الصهاينة؟

 4- هل قُدم بالفعل اقتراح من هتلر لإنقاذ اليهود المجريين ولكن تم رفضه من قبل القيادات الصهيونية؟

5- هل تجاهلت القوى الصهيونية الطلبات المُلحة للمساعدة على الرغم من معرفتها بمصير اليهود؟

ربما لن نجد إجابات مُكتملة، ولكن الواقع يعكس أن الخطط الصهيونية كانت تستهدف إقامة دولة على حساب الأرواح اليهودية نفسها، ليس فقط الفلسطينيين.