الوجود التركي في الجغرافية السورية والمنطقة
التاريخ المخفي في الأرض السوري وثلاثة عشر قرناً من الوجود التركي
من المعلوم أن التركمان أول ما استوطنوا من أراضي سوريا كان في حلب واللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى طرابلس في الجنوب، وعلى جانبي وادي نهر العاصي باتجاه الداخل باتجاه حماة وحمص وحلب ودمشق
ففي عهد الملك الظاهر بيبرس كان عدد الذي حلّوا في منطقة حلب أربعون ألف خيمة، امتد سكنهم حتى شمال سوريا إلى مرعش وهضبة أوزون وسيواس ، وبذلك أصبحت هذه المناطق وخاصة شمال سوريا موطناً للتركمان في النصف الثاني من القرن الثالث عشر.
بينما كان التركمان الذين يعيشون في مجموعات كبيرة في سوريا قادرين على الحفاظ على هويتهم ولغتهم ، فإن أولئك الذين يعيشون في مجموعات صغيرة اندمجوا بالعرب إلى حد كبير
من المعلوم أن الترك أو بعبارة أصح التركمان كانوا خلال فترة تزيد على ألف سنة يعيشون على الأرض السورية بدون انقطاع، واستطاع التركمان أن يحافظوا على وجودهم في سوريا لمة تسبق مجيئهم إلى الأناضول بمدة طويلة، ورغم أن انتقال الأتراك إلى الحياة الحضرية المستقرة كان قديماً إلا أنهم ما يزالون محافظين على انتساباتهم القبلية وما يزالوا يحملون تلك الأسماء التي تعود إلى تلك القبائل التاريخية، وما زالوا يحافظون على تلك الهيكلية الخاصة بهم، وهم يعرفون باسم التركمان في المناطق التي يعيشون فيها، لذلك سأتناول الحديث عن التجمعات التركمانية التي توطنت شمال سوريا وحافظت على نقائها وسنذكرهم باسم التركمان.
23 بعد انتصار السلاجقة في معركة دونداكتان في 23 أيار 1040 بدأ رحيل الأوغوز-إيلي أو كما يطلق عليهم تركمان-إيلي إلى آسيا الوسطى على شكل موجات متتابعة بهدف الاستقرار فيها، وهكذا دخل العديد من قبائل التركمان إلى الأراضي السورية بدءاً بعام 1063، وبدأت التكيف مع الظروف الجديدة في هذه البلاد، واختاروا الأماكن التي تتناسب معهم، حيث إنه من المعلوم أن التركمان أول ما استوطنوا من أراضي سوريا كان في حلب واللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى طرابلس في الجنوب، وعلى جانبي وادي نهر العاصي باتجاه الداخل باتجاه حماة وحمص وحلب ودمشق، وبينما كان السلطان السلجوقي سليمان بن كوطالميش يفتح المناطق في سهول جوكوروفا ومرعش وعنتاب وأنطاكية بالتزامن من تنظيف المنطقة من الأرمن في شمالي حلب-اللاذقية، كان السلطان السلجوقي طوطش يستنقذ مناطق بلاد الشام سوريا لبنان الأردن وفلسطين وشبه جزيرة سيناء من الفاطميين، وبعض ضعف الحكم السلجوقي في سوريا كانت الموصل وشمالي حلب تحت حكم الأتابكيين وجنوبها إلى الشام تحت حكم طوغتكين أو البورو، وفي هذه الفترة بدأ التركمان من قبائل الأوغوز يتلاءمون مع العيش وهم على آثار من سبقهم إلى هذه البلاد من تركمان، وفي عام (1154) أنهى نور الدين بن عماد الدين زنكي (1146-1174) أتابكية الشام وجعل سوريا كلها تابعة لأتابكية الموصل، وبد ذلك قام صلاح الدين الأيوبي الذي كان قائداً من قواد نور الدين زنكي بالقضاء على الدولة الفاطمية في مصر، ووصل بذلك أعلى درجة من القوة والنفوذ، بعد أن صارت مصر أيضاً بواسطة صلاح الدين تابعة لهم.
وعندما جيش السلاجقة أمام المغول في معركة كوساداغ عام 1243 اختل النظام في الأناضول، فغادرت بعض القبائل التركمانية الأناضول وهاجروا إلى سوريا التي كانت تحت حكم المماليك، ففي عهد الملك الظاهر بيبرس كان عدد الذي حلّوا في منطقة حلب أربعون ألف خيمة، امتد سكنهم حتى شمال سوريا إلى مرعش وهضبة أوزون وسيواس ، وبذلك أصبحت هذه المناطق وخاصة شمال سوريا موطناً للتركمان في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وحافظوا على تشكيلاتهم وقبائلهم وخاصة من البوزوك والأوجوق التركمان، فقبيلة البوزوك كانت منتشرة من سهل العمق ومناطق حلب وعلى جوار وادي العاصي إلى حدود الشام، وقد كان من بين أهم عشائر قبيلة البوزوك عشائر البيات والأفشار والبيغدلي والدوغر، ومن ناحية أخرى كانت عشائر الأوجوقلار فكانت تتوطن المنطقة التي تبدأ من جنوب سهل العمق إلى اللاذقية وطرابلس الشام غرب جبل النصيرية، وكان من أشهر هؤلاء العشائر يوراغير ويفا وقينيك وبايندير وصالور وأيمور، وتذكر المصار أن التركمان الذين يسكنون في الشمال يسمون تركمان حلب والذين يسكنون في الجنوب يسمون تركمان الشام، وبعد عام 1516 انتقلت المنطقة إلى حكم العثمانيين وبقيت المنطقة تحت سيطرتهم لمدة 402 سنة مستمرة إلى عام 1918، وتتابع توطن التركمان في هذه المنطقة وزاد عدد السكان منهم زيادة ملحوظة، فتشكلت كتلة بشرية كبيرة، وفي القرن السابع عشر عند ما قامت حركة جلالي في الجزء الأناضولي من الإمبراطورية العثمانية، تحولت بعض القرى والبلدات إلى خراب نتيجة تلك الحركات، وبنفس الشكل طال الخراب قرى بعض مناطق أعزاز والباب ومنبج في شمال حلب، وكذلك بعض قرى حران وجلاب التي تتبع ولاية أورفا وتقع في جنوبها وكذلك على جوانب أحد روافد الفرات وهو بلخ وكذلك ممر الفرات مثل الرقة كل تلك المناطق نالها حظ من ذلك الخراب، وعندما جاءت قبيلة شمر التي جاءت من نجد من شبه الجزيرة العربية في القرن السابع عشر في منتصفه، تم تدمير عدد من قرى التركمان في اعزاز والباب ومنبج وحران في شمالي حلب، وبالأخص منطقة باليس التي ترقد على حوض الفرات، وحوض جلاب في جنوب أورفة والقرى التركمانية الممتدة على طول نهر بلح ويصب في الفرات، فنتيجة هذه الصدامات نال هذه المناطق نصيبها من التخريب، وفي هذا الوضع في نهاية القرن التاسع عشر انتقلت قبائل البغديلي المنتسبة إلى تركمان-أيلي وبعض قبائل البوز ألوص من هذه المناطق التي بدأ يتناقص عدد سكانها في شمالي حلب إلى المناطق الواقعة جنوب حران وأقجاقلعة، واستقروا على طو ل نهر جلاب وبلخ حتى الرقة، وفي هذا السياق تم توطين تركمان الأولو يوروك من قبائل الإيلي بيلي في قرى منبج وما حلها إلى كيليس، وقسم من أولئك التركمان بقوا في منطقة أماسيا، والتركمان الموجودون بين ملاطية وسيواس والذين يعودون لعشائر البغديلي وبعض الأولوص المنتمين إلى قبائل تركمان إيلي تم توطينهم في المنطقة الواقعة جنوب حران وأقجاقلعة وعلى جانبي بلخ وجلاب من روافد الفرات حتى الرقة، أما ما عدا التركمان التابعة للبيغدلي التي تقطن بين سيواس ومالاطيا فإننا نجد بعض العشائر التركمانية التي تعود إلى قبيلة الأقجا قويونلو مثل موساجلي (موسى حاجلي)، وعشيرة باراق التي تعود إلى قبيلة جريدلار، وتشيمالي، وإيمانلي أفشار، وقارقين، وبعض القبائل التابعة لقبائل البوز أولوص مثل عزالدينلي، وكوجكلي، وإينالي، وأجورلو، وحمزة حاجلي، وأق باشلي، وقزل قويونلو، وقرينتلي، قد توطنت هذه المناطق، ولكن في الرقة وباليص والمناطق التي يلتقي فيها البلخ بالفرات، وحيث يطغى المناخ الصحراوي، وحيث تسفي الرياح الجافة الرمال ويكون الجو حاراً لم تكن هذه المنطقة مناسبة للتركمان، وكذلك البادية السورية التي كانت تسيطر عليها قبائل عنزة وشمر فبسبب الهجمات المتتابعة التي كانت تشنها قبائل شمر مما جعل التركمان في حالة ترقب دائم للوقوف بوجه هجمات قبائل عنزة وشمر، مما اضطر هؤلاء التركمان أن ينزحوا تدريجياً نحو مناطق اعزاز والباب ومنبج وجرابلس والراعي لينضموا إلى التركمان القاطنين هناك في الجنوب من عنتاب، لأن هذه المنطقة ترتفع عن سطح البحر مما يجعلها أقرب إلى ما اعتاد عليه التركمان من العيش في المناطق الأقل حرارة، وهي المناطق السهلية الممتدة من هضبة عنتاب إلى حلب، وبمعنى آخر هذه المناطق كانت بعيدة عن تأثير المناخ الصحراوي، وبذلك تكون مناطق الرقة قد بدأت تخلو تقريباً من التركمان، وعليه فإن النصف الثاني من هذا القرن شهد توطين قبائل الأفشار التي وطنت رغماً عنها في جبال طوروس وأوزون يايلا، ومع ذلك فهي ما زالت تحمل ذكريات صعبة عن تلك المناطق الصحراوية والمناخ الذي ما ألفته والأمراض التي كانت تصاب بها جراء تغير ما اعتادوا عليه من المناخ، ولذا فقد هاجروا إلى الشمال مثل القبائل التركمانية التي سبقتها، واستقروا في المنطقة التي تعرف بأفشار بوجاق التابعة لمنبج[1]، وفي أيامنا الحالية يرى التركمان السوريون في مناطق ومدن دمشق واللاذقية وحماة وحمص وحلب والرقة، يُطلق على أولئك الذين يعيشون في دمشق اسم تركمان دمشق ، ويسمى أولئك الذين يعيشون في حلب والرقة بحلب أو تركمان جولاب، ويطلق على من في اللاذقية تركمان باير بوجاك، يطلق عليهم "التركمان" من قبل المجتمعات الأخرى في البلاد ، وبما أن الأرمن فقط يعتبرون أقلية في الجمهورية العربية السورية ، فلا يتم احتسابهم مع جنسيتهم في التعدادات وبالتالي لا توجد معلومات دقيقة عن عددهم، لم يُسأل في الإحصاءات السكانية عن العرق في باستثناء تعداد 1925 للفرنسيين، في الإحصاء الذي تم إجراؤه في ذلك الوقت ، تم تحديد نسبة التركمان بين السكان السوريين ، والتي بلغت حوالي 2 مليون ، بنسبة 2 في المائة. عندما يتم تحليل جميع البيانات، يتم إعطاء تقديرات مختلفة بين 200000 و3500000. يذكر في بحث أورسام 2011 أن عدد التركمان الناطقين بالتركية في سوريا يقارب مليون ونصف المليون، وعدد التركمان الذين نسوا التركية حوالي 3.5 مليون[2]، بناءً على بيانات التركمان الخاصة، يمكننا القول إن هناك 1.5-2 مليون في سوريا. عندما بدأت الأزمة السورية، كان معروفاً أن عدد السكان يبلغ حوالي 23 مليوناً. على الرغم من عدم وجود معلومات واضحة، إلا أنه يُلاحظ أن عدد التركمان يتراوح بين 1.5 و3 مليون في دراسات مختلفة، وتقول الجمعية الوطنية التركمانية السورية إن عددهم يتراوح بين 3 و3.5 مليون، يشمل هذا الرقم التركمان المعربين أو الأكراد، وفقا لدراساتنا، تقريبا، بينما كان التركمان الذين يعيشون في مجموعات كبيرة في سوريا قادرين على الحفاظ على هويتهم ولغتهم ، فإن أولئك الذين يعيشون في مجموعات صغيرة اندمجوا بالعرب إلى حد كبير، لا يوجد إحصاء حالي على أساس العرق في سوريا، ومع ذلك، يواصل التركمان الذين يعيشون في القرى والبلدات السورية التحدث بالتركية فيما بينهم من خلال تقدير الأرقام الواردة في الدراسات السابقة، ويمكن عدهم امتداداً لتركيا من حيث اللهجة والآداب. وهي منتشرة عبر القرى في قطاع طوله 110 كيلومترات عبر كلس وغازي عنتاب وحلب، يبلغ عدد القرى التركمانية في ريف حلب نحو 142 قرية. المنطقة المزدحمة الثانية بالتركمان هي خط حماة - حمص - طرطوس. هناك ما يقرب من 80 تجمع تركماني في هذه المنطقة، هناك حوالي 20 تجمع بشري تركماني في منطقة الرقة، ولا يمكن تسميتها قرى تركمانية لأنها خليط عربي-تركي، يعيش التركمان أو التركمان المعربون في حوالي 25 قرية في الجولان الذي تحتله إسرائيل، في العاصمة دمشق يوجدون في منطقة (حي الأتراك) حيث يعيش فيه الأتراك فقط ولهجتهم هي اللهجة المحكية في سوريا هي استمرار للهجات التركمانية المحكية في منطقة هاطاي، أما لهجة تركمان حماة وحمص قريبة جداً من اللغة العثمانية القديمة.
[1] مقال بعنوان "أتراك سوريون" في العدد الحادي والعشرون من مجلة مصطفى كفالي توري (شباط 1973).
[2] المجتمع الذي يكشف التغيير في سوريا: التركمان السوريين أورسام. تقرير موقع org.tr رقم: 14، نوفمبر 2011، تم الوصول في 21 نوفمبر 2015 "(PDF).
Kasım 2015.